يرى محللون عسكريون إسرائيليون أن العدوان على مدينة جنين ومخيمها، من خلال العملية العسكرية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية ولا تزال مستمرة، لن تغير الوضع الأمني في المدينة بشكل جذري مثلما يزعم قادة الاحتلال.
وفي هذا السياق، أشار مدير “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، تَمير هايمان، إلى أن هذا العدوان ليس عملية عسكرية واسعة على غرار اجتياح الضفة في العام 2002.
وأضاف هايمان، في تحليل للوضع الحالي نشره في الموقع الإلكتروني للمعهد، أنه “أنصح أيضا بالتوقف عن أقوال مثل ’عملية عسكرية لإعادة الردع’، فإعادة الردع ليست غاية هذه العملية العسكرية لأنه لا يمكن قياس ذلك”. واعتبر أن “غايات صحيحة هي التسبب بتآكل العدو واستهداف المختبرات والمسلحين”.
ويصف الإسرائيليون المقاومة الفلسطينية بـ”الإرهاب” وجنين بـ”عاصمة الإرهاب”. وأشار هايمان إلى أن “جنين ليست عاصمة الإرهاب لأنه لا توجد عاصمة للإرهاب. والإرهاب موجود في قلوب ومعنويات الأفراد، وهذا ليس مكانا واحدا وإذا قمنا بتفكيكه نكون قد حللنا المشكلة. فالوضع معقد أكثر”.
وادعى أن “هذه العملية العسكرية ليست ضد السلطة الفلسطينية، التي تقتضي المصلحة الإسرائيلية بالحفاظ عليها، ورغم جميع مساوئها، هي جزء من الحل وليس من المشكلة”.
وبحسبه، فإن العدوان على جنين هو “عملية عسكرية تكتيكية، ومن دون بنية تحتية إستراتيجية سياسية شاملة لن تغيّر فعلا الواقع لفترة طويلة. وبإمكان العمل العسكري أن يؤدي إلى إحباط عمليات مسلحة وقتل مسلحين وإتاحة واقع عملياتي أفضل، لكن العمل السياسي وحده يضمن الاستقرار في المدى البعيد”.
وحول احتمالات التصعيد لتشمل المواجهة مناطق أخرى، أي قطاع غزة أو لبنان، لفت هايمن إلى أن تصعيدا كهذا متعلق بعدد الشهداء الفلسطينيين، وتزايد عددهم من شأنه أن يشعل مناطق أخرى. “وفي هذه الحالة يجب الأخذ بالحسبان، مثلما حدث في الماضي، إطلاق قذائف صاروخية من غزة أو لبنان. وفي تقديري أن لا مصلحة ل حماس بحرب مع إسرائيل، كما أن الجهاد لا تزال تحت تأثير ضربات الجولة الأخيرة. لكن هذا الأمر متعلق بتراكم الألم في الجانب الفلسطيني”.
وحذر هايمان إسرائيل من أنه “من الناحية الإستراتيجية، فإن الساعة الرملية للشرعية الدولية انقلبت. وطالما أن هذا عمل عسكري فقط من دون غلاف سياسي، سيكون الصبر الدولي أقصر. والسؤال ما هو الهدف السياسي الإسرائيلي؟ وهل إنشاء ظروفا أفضل من أجل إعادة قوات الأمن الفلسطينية إلى شمال السامرة، ليس على حراب الجيش الإسرائيلي وإنما بإنشاء الظروف، أو أن إبعاد السلطة الفلسطينية، وتحملنا المسؤولية وإعادة السيطرة الأمنية على المنطقة إلى أيدي إسرائيل؟ وطالما يبقى هذا ضبابيا وغير محسوم، فإن هذه العملية العسكرية ستقود إلى تحسن الوضع الأمني في المستوى التكتيكي، ولكن ليس مؤكدا أن يصمد هذا لفترة طويلة”.