قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، اليوم الأربعاء 25 يناير 2023، إن الحكومة الإسرائيلية تواصل تحركاتها لفرض الأجندة اليمينية الدينية القومية على السياسات الإسرائيلية، عبر سلسلة من المخططات و”الإصلاحات” التي من شأنها إحداث تغيير جذري في طبيعة النظام الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها، إن ذلك يتم “عبر سياسات داخلية تتعلق بالعلاقة بين السلطات، وكذلك عبر تكريس واقع جديد في الضفة الغربية من شأنه الإنهاء على فرص تنفيذ حل الدولتين عبر تعزيز الاستيطان وتسريع وتيرته والضم الفعلي لمناطق في الضفة”.
وكشفت عن سلسلة طويلة من الخطوات “غير المسبوقة” لتسوية وتعزيز الاستيطان اليهودي في الضفة المحتلة، تجري مناقشتها في إطار المساعي لتنظيم العلاقة بين وزير الجيش في الحكومة الإسرائيلية، يوآف غالانت، والوزير في وزارته، بتسلئيل سموتريتش، الذي حصل على صلاحيات غير محدودة في الضفة.
وفي لقاء مع رؤساء المجالس الاستيطانية، كشف غالانت عن بعض الإجراءات التي تخطط لها حكومة نتنياهو ولم ترد في الاتفاقيات الائتلافية بين الليكود وحزبي “الصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت” – تسوية البؤرة الاستيطانية العشوائية “إفياتار”، وتعديل القانون الذي سنّه الكنيست في 2005 لتنظيم خطة الانفصال عن غزة التي فككت إسرائيل بموجبها أربع مستوطنات شمال الضفة، بما يسمح بعودة المستوطنين إلى بؤرة “حوميش” الاستيطانية، وتعزيز البنية التحتية وتأمين البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة، وغيرها من الإجراءات.
وتشمل الإجراءات الجديدة التي كشف عنها غالانت وأوردتها الصحيفة في تقرير صدر عنها اليوم، الأربعاء، دعوة “المجلس الأعلى للتخطيط والبناء في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)” لعقد جلسة فورية، يصادق خلالها على العشرات من المخططات الاستيطانية التي “تعطلت” في العام ونصف العام الماضيين، والمصادقة على بناء نحو 18 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال الأشهر المقبلة.
كما تخطط الحكومة الجديدة لتعديل جدول جلسات المجلس الأعلى للتخطيط والبناء في الضفة، لينعقد مرة كل شهر، عوضا عن انعقاده مرة كل ثلاثة أشهر خلال حكومات نتنياهو السابق، في حين أشارت “يسرائيل هيوم” إلى أن المجلس لم ينعقد سوى مرتين خلال ولاية حكومة بينيت – لبيد السابقة.
مراحل “الثورة الاستيطانية” لحكومة نتنياهو:
المصادقة على 18 ألف وحدة استيطانية جديدة
انعقاد المجلس مرة كل شهر وليس مرة كل ثلاثة أشهر
لجنة فرعية للمصادقة على بناء استيطاني لا يشمل وحدات سكنية
3 تواقيع وليس 5 للمصادقة على المخططات الاستيطانية
تحاوز وزارة الأمن والمؤسسة العسكرية و”تمدين” الإدارة المدنية في الضفة
“ضم مصغر” عبر إدارج الفلسطينيين في المعطيات الرسمية الإسرائيلية
وسيتم إنشاء لجنة فرعية منبثقة عن المجلس، لتسريع وتيرة المصادقة على مخططات بناء في الضفة لا تشمل وحدات سكنية للمستوطنين، مثل رياض الأطفال ومنشآت صناعية، على أن تجتمع هذه اللجنة الفرعية بشكل متكرر – كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع – للموافقة على المخططات التي تعدها الحكومة في هذا الإطار.
وتشمل المخططات الإسرائيلية كذلك اختصار عملية المصادقة على المخططات الاستيطانية الجديدة، لتقليص الفترة الزمنية بين عملية التخطيط والبدء الفعلي بعمليات البناء، وذلك عبر تقليص عدد التوقيعات المطلوبة للمصادقة على المخططات الجديدة من خمسة إلى ثلاثة توقيعات، الأمر الذي من شأنه تسريع وتيرة البناء الاستيطاني، وتقليص الفترة الزمنية بين التخطيط والبناء بعدة أشهر.
ووفقا للتقرير، فإن الهدف الواضح الذي وضعه وزراء الحكومة الإسرائيلية الحالية هو زيادة عدد المستوطنين في الضفة بمئات الآلاف في السنوات القادمة؛ وفي سبيل ذلك، تسعى الحكومة – كما اتضح من خلال الاتفاقيات الائتلافية – إلى تقليص سلطة الجيش على “الإدارة المدنية” للاحتلال في الضفة، في عملية وصفتها الصحيفة بـ”تمدين” الجهاز عبر وصله مباشرة بالوزارات الحكومية المختصة، لتعمل على تقديم خدمات للمجالس الاستيطانية والمستوطنين دون الحاجة إلى وساطة وزارة الأمن أو قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال المسؤول عن “وحدة التنسيق” و”الإدارة المدنية”.
ووفقا للاتفاقيات الائتلافية، ستنتقل المسؤولية عن “وحدة تنسيق أنشطة الحكومة في المناطق” المحتلة، و”الإدارة المدنية” لسلطة سموتريتش، الذي سيكون مسؤولا كذلك عن تعيين رئيس “الإدارة المدنية” ومنسق “أنشطة الحكومة (الإسرائيلية) في المناطق” المحتلة، علما بأنه منذ تأسيسها عام 1981، فإن تعيين رئيس الإدارة المدنية، وهو ضابط برتبة عميد، لا يخضع لأي تدخل سياسي ويقتصر التعيين على قرار من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، يصادق عليه وزير الأمن، وكذلك الأمر بالنسبة لتعيين المنسق، وهو ضابط برتبة لواء.
والإدارة المدنية هي المسؤولة عن المصادقة على مخططات البناء الفلسطينية وبناء المستوطنات في المنطقة (ج)، وقسم التفتيش في الإدارة مسؤول عن الكشف عن البناء “غير القانوني” وهو القسم الذي يقوم، من بين أمور أخرى، بتفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية، بموجب القانون الإسرائيلي (لم تقم على ما يسمى بـ”أراضي دولة”). كما أن الإدارة مسؤولة أيضًا عن إصدار تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين وكذلك الاتصال بالسلطة الفلسطينية بشأن القضايا المتعلقة بالتنسيق الأمني والمدني، وبناء البنية التحتية مثل شق الطرق أو مد شبكة المياه.
وعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، أمس الثلاثاء، جلسة ثلاثية بمشاركة غالانت وسموتريتش، لتنظيم عملية نقل المسؤولية عن الإدارة المدنية ووحدة التنسيق إلى سموتريتش، الأمر الذي تعارضه أجهزة الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك رئيس الأركان السابق، أفيف كوخافي، الذي صرح بذلك قبل انتهاء فترة ولايته قبل نحو أسبوعين.
ووصف التقرير هذه العملية بـ”تطبيع” حياة المستوطنين في الضفة ومساواتها بسكان المدن الإسرائيلية، ما يعني بكلمات أخرى الضم الفعلي لهذه المناطق الفلسطينية في الضفة لسيادة الاحتلال الإسرائيلي، وتكريس واقع الأبارتهايد. بحيث يحظى المستوطنون اليهود بنظام حكم يشتمل على امتيازات، بينما تمارس حكومة الاحتلال القمع بجميع أشكاله بحق السكان الفلسطينيين.
كما تناقش الحكومة الإسرائيلية، “بجدية”، على حد تعبير “يسرائيل هيوم”، “تغيير المعطيات الرسمية والبيانات المتعلقة بالمستوطنين في جميع الوزارات الحكومية، بحيث ترفع عددهم من نصف مليون مقيم في يهودا والسامرة، إلى 2.5 مليون، بما يشمل السكان العرب”، أي إدراج السكان الفلسطينيين في المعطيات الرسمية الإسرائيلية، في تجل صارخ لعملية الضم الفعلي.
وكشف التقرير أنه تمت مناقشة هذا المقترح خلال اجتماع غالانت مع رؤساء المجالس الاستيطانية في الضفة. وبحسب التقرير فإن الهدف من هذا الإجراء، هو تعزيز مصادقة الجهات الحكومية المعنية على مخططات لتعزيز البنية التحتية للمستوطنات في الضفة، بما في ذلك مخططات شق الطرق وبناء الجسور والأنفاق والبنى التحتية.