قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، استبعاد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من مداولات أمنية عقدها، اليوم الاحد 1 أكتوبر 2023، “شملت التحديات الأمنية وركزت بالأساس على إيران”، بمشاركة وزير الجيش يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي، وضباط في هيئة الأركان العامة ورئيس الشاباك، رونين بار، وآخرين.
وأثار قرار استبعاد بن غفير، تساؤلات في الأوساط الإسرائيلية حول مدى أهمية مشاركة وزير يتولى حقيبة أمنية حساسة مثل حقيبة الأمن القومي، في المداولات الأمنية التي يعقدها نتنياهو بتشكيلات مختلفة، مصغرة أحيانا، وموسعة أحيانا أخرى؛ وحول مدى تأثير بن غفير على سياسات الحكومة الإسرائيلية، في ظل غيابه عن مثل هذه المداولات، أو في ظل تهميشه إذا ما دُعي إليها وشارك فيها.
وفي بيان صدر عن مكتب نتنياهو في أعقاب المداولات، تحجج نتنياهو بعدم دعوة بن غفير بأن الاجتماع “لم يتناول قضايا تتعلق بالأمن الداخلي على الإطلاق”، وأضاف أن “أي محاولة لخلق صراع بين رئيس الحكومة ووزير الأمن القومي، ونسبها إلى مصادر في مكتب رئيس الحكومة، هي محاولة كاذبة ومقصودة”.
وختم نتنياهو بيانه بالقول إن “رئيس الحكومة، ووزير الأمن القومي، بن غفير، سيواصلان التعاون لصالح جميع المواطنين الإسرائيليين”.
ورغم الجهود التي يبذلها المسؤولون في الائتلاف والليكود وفي مكتب رئيس الحكومة حتى، لعكس صورة تفيد بأن نتنياهو يسيطر على ائتلافه وأنه لا يخضع لابتزاز من وصفهم الرئيس الأميركي، جو بادين، بـ”المتطرفين” من أعضاء حكومته، إلا أن رصدا لقرارات الحكومة، يبيّن أنها تعبر عن أجندة بن غفير.
وجاء في تقرير لموقع “واي نت” أن قرارات استبعاد بن غفير المتكررة من “المداولات الأمنية الحساسة”، تعكس نهجا متبعا خلال الفترة الأخيرة من قبل نتنياهو، يدل على انعدام للثقة بين رئيس الحكومة ووزيره للأمن القومي، ولا تعبر عن “أزمة لحظية” بين الاثنين، فيما أشار التقرير إلى “مساهمات” بن غفير “الشعبوية” خلال هذه الاجتماعات.
والعملية العسكرية العدوانية التي شنها الاحتلال على قطاع غزة المحاصر في أيار/ مايو الماضي، واستهدفت قيادات من الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تشكل دليلا على مدى تأثير بن غفير على سياسات الحكومة رغم ما يحاول نتنياهو تصويره، إذ أطلق الاحتلال عمليته بعد استبعاد بن غفير من المداولات الأمنية.
إلا أن القيادة الإسرائيلية اتخذت قرارها ببدء العملية بعد أن قاطع وزراء حزب “عوتسما يهوديت”، الذي يرأسه بن غفير، اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، احتجاجا على ما وصفوه بـ”رد الفعل الضعيف في غزة”، وأن “هذه رسالة واضحة، لكنها جزئية” للحكومة، تدعوها من خلالها إلى التصعيد.
وفي هذا السياق، نقل موقع “واي نت” عن مصدر مقرب من رئيس الحكومة نتنياهو، قوله إن بن غفير عادة ما يقدم مقترحات من شأنها أن “تحرج إسرائيل أمام العالم”؛ وأضاف “يأتي إلى الاجتماعات ويسعى باستمرار إلى إصدار قرارات تتعلق بتنفيذ عمليات تصفية (تستهدف مسؤولين في فصائل المقاومة الفلسطينية)، أو منع دخول عمال غزّة، أو فرض الإغلاقات على قرى فلسطينية في الضفة الغربية لسبب أو لآخر”.
وأضاف المصدر أن “بن غفير لا يفهم مدى التأثير السلبي لهذه السياسية على جولات نتنياهو الدبلوماسية في الخارج. إن رئيس الحكومة لا يستطيع السفر إلى أي مكان إذا تبنت الحكومة مقترحات بن غفير؛ وبالتأكيد لن يتم استقباله بحفاوة في أنحاء العالم”.
بدوره، قال مصدر في حزب الليكود إن “المداولات الأمنية التي شهدت مشاركة بن غفير كانت مجرد لعبة أطفال”؛ في المقابل، علّق مكتب بن غفير على استبعاده مجددا من المداولات الأمنية التي عقدها نتنياهو اليوم، بأنه “سيواصل التعبير عن آرائه وسيسعى جاهدا إلى تطبيق سياسة اليمين حتى لو لم تتم دعوته إلى جلسات معينة”.
ونقل “واي نت” عن مصادر في مكتب بن غفير قولها إنه “مع كل الاحترام لرئيس الحكومة، في كل لقاء سيدعى إليه الوزير بن غفير سيعبر عن موقفه بصراحة، والذي يتمثل بضرورة العودة لعمليات الاغتيالات والتصفية، وإغلاق المدن والقرى الفلسطينية ووقف دخول العمال من غزة، وتشديد ظروف الأسرى (الفلسطينيين)”.
وشددت الأوساط المحيطة ببن غفير على أن “هذه هي السياسية التي منحنا الناخبون التفويض لتنفيذها، وبالتالي سيواصل الوزير العمل لتحقيق هذه الغاية”.
من جهة أخرى، حاول مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية التقليل من تأثير بن غفير على سياسات الحكومة بالادعاء أن نتنياهو لم يكتف باستبعاده من الاجتماعات الحساسة، وإنما رفض اتخاذ قرارات واضحة وصريحة طرحها بن غفير خلال مداولات أمنية عقدتها الحكومة.
وأشار التقرير إلى رفض نتنياهو اتخاذ سلسلة من الإجراءات أصدرها بن غفير لتشديد ظروف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بما في ذلك تقليص الزيارات العائلية، حيث رفض نتنياهو ذلك وأصدر أوامر صريحة بتأجيل ذلك لحين عقد جلسة للمجلس الوزاري المصغر بعد فترة الأعياد اليهودية، مطلع الأسبوع المقبل.
وكان حزب بن غفير “عوتسما يهوديت” قد أعلن قبل بدء عطلة الكنيست ، أن كتلته البرلمانية لن تلتزم بالتصويت مع الائتلاف الحكومي في الكنيست، حتى يتم الموافقة على اتخاذ قرارات لتشديد ظروف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وفي هذه الأثناء، يرفض مسؤولو “عوتسما يهوديت” التصريح إذا ما كان الحزب سيظل على موقفه هذا مع بدء الدورة الشتوية للكنيست، في وقت لاحق من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، مشيرين إلى أنه سيتم بحث المسألة مجددا على ضوء التطورات بشأن سياسة الحكومة تجاه الأسرى الفلسطينيين.
وبحسب المؤشرات السابقة، فإنه من غير المستبعد أن يجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية بعد انتهاء عطلة الأعياد اليهودية، وأن يجري نتنياهو مداولات أمنية جديدة، دون دعوة بن غفير إليها، فيما يتخذ قرارات تتطابق مع سياسة الأخير ضد الأسرى.